ظاهرة التنمر انتشرت مؤخرا بكثرة و خاصة بعد إنتشار وسيطرة مواقع التواصل الإجتماعي .
حيث أصبحنا نسمع بكثرة عن مشاكل وتجاوزات كانت فيما قبل تبقى طي الكتمان بسبب الخوف وقلة إنتشار الأخبار .
لذلك نحب أن نتطرق في هذا المقال إلى آفة خطيرة تصيب المجتمع ألا وهي ظاهرة التنمر و المتنمرين . ما هو التنمر وما أهم أسبابه:
1-إساءة المعاملة واستعراض القوة الأصل في التنمر
تشتق كلمة التنمر في اللغة العربية من محاكاة النمر، وذلك لتشبيه سلوك من يقوم باستغلال قوته في إساءة المعاملة بالنمر الشرس والمفترس.
والتنمر باللغة الإنجليزية Bullying يشير إلى اساءة المعاملة التي تتضمن الإيذاء بأشكاله المختلفة أو الابتزاز وإساءة استعمال السلطة والقوة.
وإذا نظر كلٌّ منا في ذكرياته بتمعن سيجد نفسه قد تعرض للتنمر مرة واحدة على الأقل في حياته، وغالباً سيجد نفسه متنمراً أيضاً في مواقف معينة.
2-فهم دوافع وأسباب التنمر خطوة متقدمة نحو العلاج
لنتمكن من فهم سلوك المتنمر والوصول إلى حلول فعالة للتنمر لا بد أن نحلل دوافع المتنمرين بعمق، لأن التنمر برأينا يتصف “بالقهرية” نوعاً ما.
أي أن المتنمر بالكاد يتمكن من السيطرة على سلوكه العدواني هذا أو التحكم به، دعنا نحاول معاً أن نجيب عن هذا السؤال: لماذا يتنمر المتنمرون؟
3-السلوك العدواني وسمات الشخصية
يتصف بعض الأشخاص بالسلوك العدواني منذ الطفولة، فغالباً ما يجرب الأطفال انتزاع ما يريدونه بالقوة، وإظهار غضبهم كوسيلة للابتزاز العاطفي.
وهنا يكون دور الأهل والمربين في تقويم سلوك الأطفال والتحكم بردة فعلهم تجاه الحرمان .
فعندما يحسن الأهل التعامل مع سلوك أطفالهم العدواني دون إضعاف شخصيتهم سيتعلم الأطفال أن العدوانية ليست الطريقة الأفضل في الحصول على الأشياء وتحقيق الرغبات.
وعندما يرضخ الأهل لغضب أطفالهم يترسخ السلوك العدواني عند الطفل وينتقل معه إلى المدرسة .
وقد يصبح سمة من سمات الشخصية ترافق الطفل على مدى حياته، وتكون الدافع الأساسي لممارسة التنمر.
4-التنمر بوصفه ردة الفعل وحلقة القهر المفرغة
في أحد مشاهد مسرحية “كاسك يا وطن” للكاتب السوري محمد الماغوط، يقول بطل المسرحية (دريد لحام الشهير بـ غوار) لزوجته مبرراً تعنيفه لها:
هم ضربوني، وأنا أضربكِ، وأنتِ اضربي الأولاد، والأولاد يضربون أولاد الجيران، معركة دائرة!.
من أبرز دوافع المتنمرين الرد على التنمر الذي تعرضوا له، فإذا وضعنا التنمر المدرسي تحت المجهر وحاولنا تحليل سلوك الطالب المتنمر .
قد نجد أنه قد يتعرض للتنمر في منزله، أو يتعرض للتنمر من أصدقائه خارج المدرسة، أو حتى من ذويه . فيكون تنمره على أقرانه ردة فعلٍ واستكمالاً للدوران في دائرة إساءة المعاملة.
كذلك عندما يسيء المدير إلى مرؤوسه المباشر، الذي بدره يسيء لمن هو أدنى منه في الهرم التنظيمي كنوع من تنفيس الغضب.
بل أن الذي يتعرض للتنمر في وظيفته دون أن يتمكن من الدفاع عن نفسه سيكون معرضاً أكثر للتعامل مع أهل بيته وأطفاله بتنمر أيضاً، ودواليك.
تعرف على أهم الأسباب التي تجعل الاخرين تتجاهلك!!
5-الفروقات الاجتماعية والفردية
من أبرز أسباب ودوافع التنمر الفروقات الفردية والاجتماعية.
مثلا على مستوى الجامعات يتعرض الطلاب الفقراء للسخرية من قبل الطلاب الأغنياء، الطالب الضخم يتنمر على الطالب القصير.
في حقيقة الأمر لا يمكن أن يخلو تجمع بشري من الفروقات الفردية والاجتماعية.
لكن ثقافة المجتمع ككل وتربية الأفراد هي التي تتحكم بطريقة التعامل مع هذه الفروقات الفردية التي لطالما كانت سبباً للتنمر.
6-السلطة والسيطرة كدوافع للتنمر
صاحب السلطة أو القرار مهما كانت سلطته متواضعة لن يدخر جهداً في التعسف باستعمال تلك السلطة حتى أبعد الحدود.
ويمكن أن نلاحظ ذلك إذا أمعنا النظر في المتنمرين لنجد أنهم غالباً ما يختارون من هم أدنى منهم من حيث السلطة والقوة ليمارسوا عليهم التنمر.
فلو اعتقد المتنمر أن ضحيته قادرة على الرد أو الدفاع عن نفسها لما أقدم على التنمر أصلاً.
في كل التنظيمات الاجتماعية هناك تسلسل للسلطة، لكن العبرة أن يجيد صاحب السلطة استعمال سلطته، وألا تتحول السلطة لسوط يجلد به كل ضعيف.
7-إثبات الذات وتعويض النقص
تعتبر الرغبة في إثبات الذات أمام الآخرين وتعويض الشعور بالنقص أو النبذ من أبرز أسباب ودوافع التنمر .
فالمتنمر يعلم تمام العلم أن إهانة شخص آخر تجعله مرهوباً وربما محبوباً, لذلك نجد المراهقين لا يفوتون الفرصة بالعدوان على أقرانهم الضعفاء لأن في ذلك إثباتاً للذات أمام الآخرين.
وغالباً ما يفتقر المتنمرون في هذه الحالة إلى مميزات حقيقة تجعلهم محط إعجاب الآخرين، فيلجؤون إلى استعراض العضلات كوسيلة لتعويض النقص لديهم.
قد يهمك ايضا : تعريف مرض التوحد ..ماهي اعراضه وهل له علاج ؟
من هم ضحايا التنمر ؟
علاج التنمر والتعامل مع المتنمرين:
الأجدر بنا أن نحاول اقتلاع مرض التنمر من جذوره، وذلك من خلال إيجاد آليات فعالة لحماية ضحايا التنمر من جهة.
بالتوازي مع محاولة إعادة تأهيل المتنمرين ليكونوا أكثر تعاطفاً وليجدوا طرقاً أخرى لإثبات الذات من جهة ثانية.
الوقاية من التنمر:
وقاية أطفالنا من أن يكونوا ضحايا للتنمر، ووقايتهم من أن يكونوا هم المتنمرون أيضاً.
وذلك من خلال تعليم الأطفال القيم الإنسانية من الاحترام والتعاطف والتعامل مع الاختلافات الفردية والاجتماعية بطريقة إنسانية .
إضافة إلى تعليمهم تحمل مسؤولية تصرفاتهم وإجادة استعمال السلطة دون تعسف أو استغلال.
كما لا بد من تعليم الأطفال أساليب فعالة تساعدهم بالدفاع عن أنفسهم بمواجهة الإساءات اللفظية والجسدية وغيرها .
أساليب علاج التنمر:
- تعليم الأطفال والمراهقين قيم التعاطف والتعاون وضرورة وقوفهم في وجه التنمر .
- العمل على تحويل الطاقة العدوانية عند المتنمر إلى اتجاه آخر، مثل الرياضة أو الموسيقى أو غيرها .
- اتخاذ موقف حازم من تعرض أحدهم للتنمر .
- وضع عقوبات صارمة ضمن المؤسسات المختلفة لردع المتنمرين، مع ضرورة فتح الباب لإعادة تأهيلهم.
- إطلاق حملات توعية دورية تهدف إلى التثقيف والتوعية بظاهرة التنمر وخطورتها وطريقة التعامل معها.
تابعوا موقع كيان ? ، ويمكنكم أيضاً التواصل معنا ومتابعتنا من خلال صفحتنا على :
فيسبوك :كيان
المصادر 1